الامثال العربي
بيروت: ترى الدكتورة اماني سليمان داود ان الامثال العربية القديمة من حيث الشكل ومن الناحية الفنية واللغوية تعكس كثيرا من وعي العرب وتصورهم للكون. وقالت انهم سجلوا فيها شعورهم وتفكيرهم في اشكال مكثفة موجزة يلجأ اليها الانسان لفهم الظواهر التي يواجهها في حياته. وقد ورد كلام الباحثة الاردنية اماني سليمان داود هذا في كتابها الذي حمل عنوان "الامثال العربية القديمة: دراسة اسلوبية سردية حضارية". الكتاب جاء في 361 صفحة متوسطة القطع وبلوحة غلاف تشكيلية ليحيى بن محمود الواسطي الفنان العربي الذي عاش في القرن الثالث عشر للميلاد. وصدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. قالت المؤلفة في مجال تقديم كتابها "تعد الامثال العربية القديمة من اقدم الاشكال الفنية واللغوية التي تحمل دلالات حضارية وتحمل وجوها من المشترك في وعي العرب وتصورهم عن الكون وعن علاقات البشر. "فقد سجلوا في الامثال شعورهم وتفكيرهم بتكثيف وايجاز فيما يشبه القوانين النافذة او السائرة التي لا يملك الفرد لها ردا فنراه يلجأ اليها لفهم الظواهر التي يواجهافي حياته.. ففيها خلاصة الخبرة وانماط الوعي المشترك والمعرفة المبكرة فضلا عما تعكسه من تطور الوعي العربي وتحولات المجتمع العربي القديم." اضافت ان الاجيال "تتناقل الامثال وتتوارثها لكنها في ذلك كله تخضعها -بوعي او بلا وعي- الى قليل او كثير من التحويرات والتغييرات من حقبة الى اخرى اضافة الى ما يستجد من امثال تبدعها الذاكرة الجمعية في كل عصر جديد وهذا ربما يعلل تعدد صور المثل الواحد وتجددها من حين الى اخر مما ادى بكثير من القدماء الى اطلاق تسمية "امثال المولدين" على هذه الصور الجديدة..." وطرحت اماني سليمان داود سؤالا هو "لماذا الامثال الان؟" ولماذا يتخذ كتابها من الامثال القديمة مادة للدراسة والاختبار والبحث؟ اجابت عن ذلك انه قد يكون من "نافل الكلام الاشارة الى الكم الكبير من الامثال اذ يكاد يصل مجموعها في مصادرها المتنوعة قرابة عشرة الاف مثل وهو كم يحتاج -كما احسب- الى عشرات الدراسات والقراءات للاحاطة بهذا التراث..." وذكرت ان الامثال هي "منتج جماعي مرتبط بالشعبي وليست نصوصا ادبية خالصة مرتبطة بالبعد الجماعي الشعبي وليست نصوصا ادبية خالصة او منتجا فرديا او نصا نخبويا..." اما منهجها في الكتاب فقالت عنه انها سعت الى تحليل الامثال وفق مداخل منهجية متنوعة منها خصائص الاسلوب في الامثال وذلك من ناحيتين هما: الايقاع والتركيب. وقد درست ايضا قصص الامثال دراسة سردية. في الفصل الاول من فصول الكتاب الاربعة تحدثت عن بنية الامثال الصوتية والايقاعية وتناولت جملة من الظواهر الصوتية والايقاعية التي تميزت بها الامثال ومن ذلك ظاهرة التكرار الماثل فيها باشكاله المتعددة على رأسها تكرار الالفاظ المتفقة في دلالاتها وتكرار الالفاظ المتباينة في دلالالتها ودراسة العلاقة بين الايقاع والاوزان الصرفية في الامثال. ومما تناولته ما اسمته ظاهرة اتصال الامثال بالشعر كما درست " ايقاع المثل المعنوي من خلال النظر في ايقاع الالفاظ المتضادة وايقاع المعاني المتقابلة." ومن الامور التي درستها المؤلفة قصص لامثال وصلتها بجملة المثل فدرست قصص الامثال دراسة سردية منها قضية الشكل والمضمون واسبقية المثل والقصة وعلاقة المثل بالتاريخ واشارت الى دور الشعر في قصص الامثال. وسعت المؤلفة "الى تأمل الدلالات الحضارية والفكرية والاجتماعية للامثال من خلال الوقوف عند محاور مختارة مما يتصل بموقع المرأة والنظرة اليها في المجتمع العربي القديم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم والطبقات الاجتماعية التي افرزها المجتمع القديم." وفي مجال اخر قالت ان الذهن عند التوقف عند ادب الامثال ينصرف في الاغلب "إلى الجملة الموجزة المركزة.. فان المثل لا يتخلى عن وظيفته القصصية حتى بمعناه الموجز.. اذ خلف هذه الجمل الموجزة قصص انتجتها او ارتبطت بها فكأن للمثل مستويات تبدأ بالجملة القصيرة وتنتهي بالقصة المصاحبة للمثل..." وأضافت انه يبدو ان العناية بجمع الامثال في مصنفات خاصة قد بدات في العصر الاموي. اما عن خصائص الامثال فقالت ان القدماء اجتمعوا على بضع سمات اساسية ابرزها "ايجاز اللفظ وقصر العبارة واصابة المعنى واطالة المغزى وحسن التشبيه -وهي خصيصة مجمع عليها في التعريف اللغوي والاصطلاحي للمثل- وجودة الكناية وكذلك الشيوع والسيرورة والانتشار..." واوردت مخططا عاما -وان كان النقص يعتريه- لنشاط جمع الامثال عند العرب ولخصت ذلك في اربع مراحل الأولى هي الاخباريون والقصاص والثانية هي مرحلة الادباء واللغويين اما الثالثة فهي مرحلة التصنيف بحسب الموضوعات والرابعة فمرحلة معجمات